سامي محمد
عدد المساهمات : 96 تاريخ التسجيل : 11/12/2015 العمر : 38
| موضوع: الملامح العامة للحركة الاسلامية السودانية -تاسعا : فلسفة التصحيح والاستدراك السبت ديسمبر 12, 2015 4:08 pm | |
| تاسعا : فلسفة التصحيح والاستدراك تبنت الحركة الإسلامية في السودان منهجا ناقدا أساسه التطوير الدائب والاستدراك على الآخرين وعلى الذات ، مما مكنها من التحرر من أسر التقليد ، ثم من إدراك وتدارك جوانب القصور التي تظهر في هيكلها وأدائها الاستراتيجي والتنظيمي من حين لآخر ، بسبب المحك التطبيقي ، أو نتيجة للتقادم الذي يسببه تغير الوقائع . ولم يكن ليأسرها الإعجاب بالغير أو بالذات : " فهي لا تتجمد بالتقليد ، بل لا ترتهن حتى لتقاليدها هي في التنظيم . بل تقدر وتخطط، وتجرب وتراقب ، وتنتقد وتراجع ، وتعدِّل وتطور ، دأبا نحو الإحسان" (48). " هكذا أصبح التطور الدائب في أوضاع التنظيم وأشكاله وعلاقاته سنة للحركة ، في كل طور ترسم صورة مثالية لمنهاج التنظيم ، ويتوهم راسموها أنها النموذج التنظيمي الأتم حسب مقتضيات الشرع والواقع ، ويراها البعض مثالا للكمال لا يُرجى أن يقاربه التطبيق إلا لماما ، ثم لا تلبث الحركة مع الوعي والزمن أن تتجاوز ذلك التنظيم ، فيبدو أشد بساطة عما تقتضيه رؤى وظروف جديدة ، فيُراجَع رسمُه نحو نموذج أشد تركيبا ، وأوفى بأغراض التدين في عهد جديد" (49) . ولم يكن الباب مفتوحا - على أية حال - أمام التطوير والاستدراك في بداية العهد ، بل كان بعض قادة الحركة وأعضائها في البدء ينظرون بتحفظ إلى كل نزوع للتجديد ، لكن الحركة تغلبت على هذه العوائق مع الزمن ، فأصبحت فلسفة التطوير والاستدراك خاصية من خصائصها ولازمة من لوازمها . يشرح الترابي ذلك بقوله : " إن الجماعة التي كانت لأول عهدها تجد حرجا كلما أقدمت على تعديل أو تطوير في مصطلحاتها التنظيمية أو دستورها ، وينبري فيها من يتهم التعديل تغييرا ومغامرة باستقرارها واستقامتها .. تلك الجماعة نضجت ، وأصبحت تتقبل الجديد في الفكر والمنهج والتنظيم بغير ريبة أو حرج" (50) . وقد غاب فقه التصحيح والاستدراك عن كثير من الحركات الإسلامية - بكل أسف - فظلت تراوح مكانها ، دون وعي بموقعها في الزمان والمكان . | |
|