إن بدايات الحركة الإسلامية السودانية كانت من داخل قطاع الطلاب عام 1946م، وفي مدرسة حنتوب الثانوية حيث أسس ما عُرف بـ (حركة التحرير الإسلامي) بقيادة بابكر كرار وآخرون. وكانت أهداف حركة التحرير الإسلامي تتمثل في مقاومة الاستعمار الإنجليزي وحركة التغريب التي يقودها من ناحية والتصدي للشيوعية والأفكار الملحدة التي تستبطنها من الناحية الأخرى. في المقابل ـــ وربما دون علم التيار الأول ــــ هناك تيارا آخر كان محسوبا على حركة الإخوان المسلمين المصرية ظهر في وجهين؛ وجه تقوده مجموعة من الطلاب السودانيين الذين كانوا يدرسون في مصر وعادوا يحملون لواء الدعوة الإخوانية ووجه آخر حمله بعض المصريين المتواجدين في السودان من خلال الإحتكاك مع بعض السودانيين الناشطين إسلاميا. إذا مثّل هذين التيارين ـــ الطلابي والشعبي ـــ دعما قويا للحركة الإسلامية الناشئة في السودان لأول عهدها. ولكن لم يستمر دفع الحركة كثيرا، نتيجة ظهور توجهات لدى بعض المنتمين للحركة لإلحاقها بحركة الإخوان المسلمين الأم في مصر مما أنذر بحدوث انشقاقات في داخلها. وقد دافع كل طرف عن موقفه بالحجج التي تدعم دعوته ولكن كان واضحا جدا أن تباين أسباب وأهداف النشأة للحركتين لعبا دورا كبيرا في تعميق الخلاف بين الطرفين. فحركة الإخوان المسلمين (الأم) في مصر كانت أسباب نشأتها وأهدافها تتجاوز مصر للعالم الإسلامي كله، بينما أسباب نشأة وأهداف حركة التحرير الإسلامي لم تكن لتتجاوز قضايا واقعها المحلي السوداني.