سامي محمد
عدد المساهمات : 96 تاريخ التسجيل : 11/12/2015 العمر : 38
| موضوع: استراتيجية الفصل والوصل في الحركة الاسلامية السودانية -ثانيا :في المجال التربوي-التكويني السبت ديسمبر 12, 2015 4:18 pm | |
| ثانيا : المجال التربوي-التكويني لقد تبنت الحركة الفصل بين التربية والتكوين ، نظرا لما رأته من تمايز بين الأمرين . وهو تمايز يمكن إجماله في الأمور التالية : * أن مهمة التربية أخلاقية مبدئية ، وهي "تعزيز الصبر والاستقامة في حال الاستضعاف والتمكين" (97) بينما مهمة التكوين منهجية عملية ، وهي "التأطير المهني للأعضاء" (98). فهدف التربية هو الالتزام ، وهدف التكوين هو الفاعلية . * أن التربية موجهة إلى عموم المجتمع ، وليست مقصورة على أعضاء الحركة ، بينما التكوين يتجه إلى الأعضاء الذين ثبت ولاؤهم حصرا . * أن للتربية وظيفة اكتسابية - أو هكذا ينبغي أن تكون - بينما التكوين لا يهدف إلى اكتساب أعضاء جدد بشكل مباشر . * أن للتربية وظيفة دعوية تهدف إلى زيادة مساحة الخير والفضيلة في نفوس أفراد المجتمع ، حتى ولو لم ينضموا إلى الحركة ، بينما التكوين يقتصر على تعميق خبرة الأعضاء. * أن مضمون التربية يتعلق بالفضائل الإسلامية العامة ، وزيادة العلم الشرعي لدى السامعين ، وتعميق التزامهم بالإسلام . بينما يركز مضمون التكوين على الخبرات السياسية والإدارية والفنية التي يحتاجها العضو العامل في مسيرته . وبناء على هذه الفروق ، تبنت الحركة الإسلامية في السودان ثلاثة ضوابط في تربية أعضائها : *"شمولها وإيجابيتها منهجا * وانفتاحها وعمومها إطارا * وحريتها ومرونتها فلسفة" (99) . أما التكوين فكانت الحركة أشد ضبطا لشأنه . وهكذا "ظلت التربية فرضا مفروضا على الأعضاء ، تستهدف ترقية دوافعهم الدينية ، وتجنيدها لزيادة الكسب والفعالية في حركة الدعوة ومجاهداتها . ثم دخل التدريب [=التكوين] في عرف الجماعة منذ نهضتها التنظيمية في السنوات السبعين . فخلافا لمدارس الدعاة التي تعزز روح التدين، وقد تؤهل العضو لأن يكون داعية ومعلما ، أصبحت نظم التدريب هي التي تتعهده بتربية عملية ، تصوِّب حوافزه الدينية إلى عمل معين يكلف به العضو ويؤهَّل له ، وتبصِّره بمقتضيات المهام التي يختص بها ، وتسعفه بكل التجارب المكتسبة في ذلك المجال ، وبكل أساليب التعبئة الإدارية والعدة الفنية لترقية الأداء المطلوب . وتتنوع دورات التدريب حسب الحاجات ، وتُحضَّر مقرراتها ومناهجها بإتقان ، ويتولاها أهل كفاءة في التدريب والإدارة العامة . بل يقوم في كنف التنظيم معهد للتدريب متخصص" (100) . وانسجاما مع هذا المنحى ، تبنت الحركة نظام "الأسر المفتوحة" في مجال التربية ، بهدف التفاعل أكثر مع حاجات المجتمع وهموم الناس ، وتجنيب أعضاء الحركة داء الإغراق في التنظير والبعد عن الواقع . وهكذا "انفتحت أطر التربية بعد سريتها وخصوصيتها ، فاتُّخِذ نظام الأسرة المفتوحة التي تدعو من شاء لحضورها ، والمشاركة في برامجها ، حتى يكون ما يتلقى الأعضاء من علم وتربية مناسبا لأسئلة الناس وحاجات المجتمع ، متقويا بالتفاعل مع الخير والشر الشائع في المجتمع، متعديا إلى دائرة من المشاركين غير المنضوين في العضوية" (101) . وباختصار فإن الحركة "خرجت بتربية أعضائها نحو مشاركة المجتمع لتنفع وتنتفع بالتفاعل" (102) . ومن هذه المنافع لأعضاء الحركة "أن تكون ثقافتهم متفاعلة مؤثرة في تيار الثقافة العامة بالبلاد ، ولتكون الشعائر في جماعات أكبر ، وذلك أفضل حكما ، وأدعى للتعريف بالجماعة ، ولتعزيز مكانتها وإمامتها للمجتمع" (103) . وقد أفاد هذا الفصل الوظيفتين معا : فاتسعت التربية وأدت مفعولها في المجتمع، وتم تأمين التدريب الفني وحصره في أهله .
| |
|