سامي محمد
عدد المساهمات : 96 تاريخ التسجيل : 11/12/2015 العمر : 38
| موضوع: الملامح العامة للحركة الاسلامية السودانية- خامسا : استخلاص العبرة التاريخية السبت ديسمبر 12, 2015 4:05 pm | |
| خامسا : استخلاص العبرة التاريخية وقد قدم بعض مفكري الحركة السودانية قراءة نقدية لحركات الإصلاح التي سبقتهم في عالم المسلمين الحديث ، واستخلصوا منها العبرة التاريخية اللازمة . وجاءت قراءاتهم منسجمة مع ما توصلت إليه خيرة العقول المسلمة التي تحدثنا عنها في المدخل . فقد أشار الأستاذ مكي إلى داء النزوع النظري لدى مدرسة الشيخ عبده الإصلاحية ، واعتبر أنه هو السر فيما دعاه "الوقوع في مصيدة الأسئلة الكبرى" . فالذي لا يملك حسا عمليا ، يميل غالبا إلى الحديث عن الأهداف الكبرى بأسلوب فخم ، ويستعذب الجدل والمناظرة ، وينسى ما عليه عمله في ظروفه المتعينة ، وهو الشراك الذي سقطت فيه تلك المدرسة الإصلاحية ، حيث إن هذا النزوع "جعل الحركات الإسلامية - بصفة خاصة في القرن التاسع عشر - تقع في مصيدة الأسئلة الكبرى - كالجامعة الإسلامية - دون النظر في طبيعة المؤسسات الموجودة" (29) كما يقول الأستاذ مكي . وإذا كان بن نبي قد توصل إلى أن ما نقص المدرسة الإصلاحية هو التركيب بين فكرها النظري الذي صاغه الشيخ عبده ، ونهجها السياسي الثوري الذي انتهجه الأفغاني ، وتوصل إلى أن الفضل يرجع إلى حسن البنا في ذلك التركيب .. فإن الدكتور حسن مكي قد توصل إلى نفس النتيجة ، فقال : "إن حركة الإخوان المسلمين [بمصر بقيادة البنا] مثلت الاستمرارية التاريخية لمجهودات الأفغاني ومحمد عبده وتلامذتهم ، إذ بلور [حسن البنا] هذه الاستمرارية في حركة ربطت بين ما جاء به الأفغاني (الاهتمام بالحكم) بما لدى محمد عبده (العلم والتربية) بالإضافة إلى العمق الجماهيري . وبذلك انتهت المحاولات الفوقية إلى تيار جماهيري متحرك ، بحيث أصبحت الدعوة مربوطة بدعاة وتيار اجتماعي عريض منفعل بالدعوة ، ومتعلق بالدعاة ومطالبهم في التغيير" (30). كما لاحظ مكي انشغال الإسلاميين بأدب المرافعات ، وبيَّن الأثر السلبي التي خلفه ذلك على ثقافة الحركة السودانية أول عهدها ، فقال : "هذه المرافعات الإسلامية [بعض كتب المودودي والغزالي وسيد قطب وفتحي عثمان ..] كانت الزاد الأساسي لثقافة الإخوان [السودانيين في الستينات] … ولكن هذه الثقافة التي ظلت تنهل من أدب المرافعات ، كانت تثير الحماسة ، وتؤجج العاطفة ، أكثر من كونها ثقافة تنمي المقدرات الذهنية والحركية ، وتزكي الفاعلية … [ولذلك] لم تلق مدونات عبد الرزاق السنهوري و[العلامة عبد الله] دراز نجاحا يذكر ، إذ اعتمدت على لغة (التوصيل) : إيصال الفكرة بطريقة هادئة . وحتى مالك بن نبي الذي زار السودان في الستينات ، لم تلق كتاباته رواجا ، إذ العقلية الإخوانية حينها كانت أمْيل إلى القطبيات" (31) . وبيَّن مكي أن ذلك انحراف منهجي عن طريقة حسن البنا العملية ، حيث "كان البنا يفضل المنهج على التصور .. والعمل على التنظير" (32)
| |
|