سامي محمد
عدد المساهمات : 96 تاريخ التسجيل : 11/12/2015 العمر : 38
| موضوع: الملامح العامة للحركة الاسلامية السودانية- ثالثا : الوعي بالزمان والمكان السبت ديسمبر 12, 2015 4:03 pm | |
| ثالثا : الوعي بالزمان والمكان إن كتابات قادة الحركة الإسلامية في السودان تدل على وعي عميق بالزمان والمكان ، وقد قدم الدكتور الترابي مقولات منهجية أساسية في هذا المضمار ، من خلال حديثه عن الدين والتدين ، والمثال والواقع ، وسنة المدافعة ، وتجدد الابتلاءات ، وركوب متن حركة التاريخ ، واستثارة فطرة الخير ، وتناسخ المبادئ ، والانتقال من المبادئ إلى البرامج .. وغير ذلك من مقولات ومفاهيم لا تخطئ عين الناظر الواعي أهميتها وحيويتها ، وحاجة الفكر الإسلامي والعمل الإسلامي إلى استيعابها . وقد عد الترابي الوعي بالزمان والمكان من أهم العوامل في نجاح الحركة السودانية فقال : "الذي يسر للحركة الإسلامية في السودان أن تنمو باطراد ، هو أنها أسست وتطورت على وعي بتاريخها ، وإذا تمكن الوعي بالتاريخ ، يصبح التجديد نتيجة تلقائية" (14) . ثم عطف على ذلك مبينا الآثار المنهجية السلبية لفقدان الإحساس بالزمان والمكان لدى المسلمين المعاصرين ، فقال : "إن الذي أصاب المسلمين - بالرغم من أن الدين يشدهم إلى حركة اليوم والليلة والشهر والسنة بالعبادات وبنظام المسؤولية الدينية عن كل لحظة - هو الغفلة عن التاريخ ، فأصبحوا لا يتجددون ، لأنهم لا يدركون حركة التاريخ المتقلبة بصروفها وظروفها ، وأصبحوا يحسبون الفكر البشري - أقصد الكسب الاجتهادي للمسلمين - ممتدا في الزمان والمكان ، ونزعوا الشرع - وهو تنزل القيم والأحكام على واقع حركي في العهد السني - جردوه من هذه الواقعية ، ونصبوه صورا خارج الزمان والمكان . ولذلك فهم لا يستشعرون المفارقة بين كسبهم التاريخي وبين حوَلان الظروف وتغيرها ، ومن ثم فهم لا يستجيبون للأزمة بأي محاولة للتجدد في التدين والعمل والفكر والحركة" (15) . ومع هذا الوعي بالزمان ، كان الوعي بالمكان لدى قادة الحركة السودانية واضحا ، وقد عبر عنه الترابي بقوله : "كنا دائما نحاول قراءة الواقع ، واستكشاف سياقاته ومصائره … وكذلك نركب متن حركة التاريخ ، ونوجهها وجهة دينية" (16) "من فضل الله على حركتنا في السودان ، أننا نبذل جهدا كبيرا في استقراء واقعنا ، لتحديد متطلباته ، وتقدير مساراته المحتملة ، للاستعداد لها ، وسبْق منافسينا الذين تربكهم التطورات الظرفية ، ويثقل عليهم التفاعل معها بسرعة" (17)"كان عندنا وعي بما حولنا ، بوضعنا في التاريخ" (18) . إن حركة الزمان لا ترحم الواقفين الجامدين ، ولا تنتظر المترددين الخائفين ، الذين يعيشون عصرا بوسائل عصور خلت ، ولا يميزون بين المبدإ الخالد والوسيلة الفانية . إن كل توقف يتحول إلى تخلف ، كما حذر الترابي في قوله : "أنا أعتبر الجمود نكسة ، فضلا عن التقهقر إلى الماضي في الفكر أو الحركة . فأنت إذا توقفت تكون قد انتكست ، لأن ابتلاء الزمن متقدم دائما ، والله سبحانه وتعالى يقلب الظروف يوما بعد يوم ، وكل فجوة بينك وبين حركة الزمن - التي هي الابتلاء الأساسي في الدنيا - هي نوع من الانتكاس" (19) . وقد نبه الترابي على المأزق الذي وقعت بعض الحركات الإسلامية ، حينما غفلت عن حركة الزمان وخصوصية المكان ، ووقع فيه السلفيون ، حينما "أصبح الدين عندهم متمثلا في تاريخ المتدينين"
| |
|