ظروف النشأة
كغيرها من الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، نشأت الحركة الإسلامية السودانية في الأربعينيات من القرن الماضي، حيث كان السودان حينها يرزح تحت حكم المستعمر الإنجليزي وتنشط فيه حركة وطنية سياسية وثقافية تشترك فيها عدة تيارات تمثل ألوان وقطاعات المجتمع المختلفة. الطائفية بكل أنصارها؛ الختمية والأنصار، مؤتمر الخريجين بكل أعضائه من المثقفين والناشطين الوطنيين، بعض الغيورين من السودانيين المنتمين للمؤسسة العسكرية، بعض تيارات اليسار السائدة آنذاك من الشيوعيين والقوميين العرب وغيرهم، ... الخ. ولكن كانت تيارات اليسار الإشتراكي لها صوت عال ووصاية ووهيمنة فكرية مسنودة بمدد من النفوذ الشيوعي العالمي المتوسع في أوروبا وأسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. أكسبها كل ذلك سيطرة واضحة على كثير من الفئات المتعلمة والمثقفة، وبالتالي مثل التيار اليساري سهما متقدما في التأثير على مجريات الأمور الفكرية والثقافية والسياسية في المجتمع السوداني البسيط آنذاك. وقد كان القطاع الطلابي باعتباره قطاعا مستنيرا ونوعيا يمثل فيه اليسار أكثر التيارات نفوذا فيه وتغلغلا. أما المجتمع السوداني نفسه فقد ضعفت فيه أشكال التدين في مستواه العام، فظهرت فيه كثير من مظاهر الفساد والإنحراف بعضها بسبب الأثر الاستعماري وبعضها بسبب الغزو الفكري والثقافي العلماني والإلحادي.