التجربة الإنسانية (للمسلمين وغير المسلمين)
ظل مبدأ التوحيد هو المبدأ الذي يحكم كل تصورات الحركة الإسلامية السودانية؛ ويعني به القول بوحدة الخالق، وحدة الدين، وحدة الحياة، ووحدة الكون، انطلاقا من كل ذلك كانت الحركة تتجه نحو غاياتها وأهدافها وهي مفتوحة الذهن ومعتصمة بمنهجها الفكري في قبول ورفض الجديد والغريب من الأفكار والنظم والمؤسسات. عليه مثلت التجارب الإنسانية ـــ الإسلامية وغير الإسلامية ــــ مصدرا معرفيا للحركة ورصيدا إضافيا لها في مسيرتها نحو تحقيق غاياتها وأهدافها في التمكين للإسلام في أرض الواقع المعاش. فقد كانت الحركة تهتم كثيرا بدراسة تجارب حركات الإصلاح الإسلامية السابقة لها دراسة نقدية وموضوعية للإستفادة من إيجابياتها وتجنب سلبياتها، واستخلاص العبر التاريخية والإنسانية من سيرها وما انتهت إليه من مآلات. بل استطاعت الحركة أن تكون أكثر ذكاء حينما استعارت أهم ما كان سببا في تفوق الشيوعيين وهيمنتهم على الساحة السياسية في الأربعينيات، قوالبهم التنظيمية ووسائلهم ومهاراتهم في الاتصال الفردي والجماهيري، بل ودخلت معهم حلبة التنافس وسط القوى الحيوية والفئوية من الطلاب والشباب والمرأة والعمال والمزارعين وغيرهم.
وكان ما أفادت منه الحركة الإسلامية السودانية من الفكر التنظيمي الغربي أعظم من ذلك الذي أفادته من الحركات الإسلامية الأخرى. وقد أخذ البعض بالاعتراض على توجه الحركة الإسلامية في السودان الاستفادة من تجارب الغرب في أسلوب العمل التنظيمي والسياسي، إلا أن د. الترابي قد واجه هذا الاعتراض حيث لا حرج في ذلك طالما أنه يمكن أن يسهم في ترقية حياة المسلمين مع تحقيق المسلم لأصالته وحسن انتقائه لما يأخذ أو يترك.